دعوة للحوار من أجل الفهم والعمل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بكم في منتداكم برجاء التسجيل والاستفادة من المنتدى
وتقبل مشاركتكم الايجابية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دعوة للحوار من أجل الفهم والعمل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بكم في منتداكم برجاء التسجيل والاستفادة من المنتدى
وتقبل مشاركتكم الايجابية

دعوة للحوار من أجل الفهم والعمل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اجتماعي علمي ثقافي ديني


    لماذا يتقاتل الجهاديين

    avatar
    عبد الله الضاحك


    المساهمات : 3259
    تاريخ التسجيل : 25/08/2010

    لماذا يتقاتل الجهاديين Empty لماذا يتقاتل الجهاديين

    مُساهمة  عبد الله الضاحك السبت يونيو 06, 2015 11:42 am

    كي نجيب على هذا السؤال يجب أن نسأل أسئلة أخرى كثيرة مثل:

    ولماذا سيكون قادة الفصائل الجهادية المتناحرة في سوريا وقبلهم في العراق أكثر ورعًا ووعيًا من قادة صدر الإسلام وصحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذين اقتتلوا وجيّشوا الجيوش ضد بعضهم البعض؟!

    ومتى قامت سلطة للإسلام من الأمويين حتى العثمانيين إلا على أشلاء من يعارضها وإن كانوا من أبناء عم الرسول (صلى الله عليه وسلم) ؟! ولماذا يستغرب البعض أن يشتم ويكفر الجهاديون بعضهم الآخر على منابر إعلامهم، وعلي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ظل يسب ويلعن لقرون على منابر الخلافة الأموية؟!

    هل انتقص ذلك من مكانة الخلافة الأموية عند المسلمين السنة؟ بالطبع لا.. رغم أنهم كلهم يحبون عليًا ويحبون أبناءه الذين قتلهم الأمويون، لكنه الملك!

    لم يزع القرآن أمرًا إلا بالسلطان، واتفاق المسلمين على الشريعة لم يمنع الخلاف بينهم على السلطة والمال وسائر المغانم، أحزاب الإسلاميين والجهاديين يرفعون القرآن ويسوغون مبتغاهم بالشريعة التي لم ولن تكون مبعثًا حقيقيًا لخلاف قد يوقده مشايخ السلطان بفتاويهم التي تخضع بالنهاية لاشتراطات التحزب السياسي وليس ضوابط الشرع.

    يقول الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز: (إن هذه الأمة لم تختلف في دينها ولا في نبيها ولا في كتابها، وإنما اختلفت في الدينار والدرهم).

    لكن، قادة الإسلام كانوا أكثر واقعية في كثير من الأحيان بوصفهم لدوافع خصوماتهم بدلًا من إطلاق أوصاف الخوارج والتكفير؛ فهذا عبد الملك بن مروان بعد أن قتل مصعب بن الزبير، يصله رأس مصعب مقطوعًا فيقول عبد الملك: «لقد كان بيني وبين مصعب صحبة قديمة، وكان من أحب الناس إلي، ولكن هذا الملك عقيم»، إنه الملك!

    ـ إنها سنن النزاع وحتميات الحراك المجتمعي تخضع لها كل الأمم، قوانين الأرض هي التي تفرض نفسها بالنهاية، أما مثاليات السماء فتلك يرددها من يملك الكثير من الوقت للكلام؛ لأنه لا يملك القدرة على الفعل.

    ـ وهكذا، فإن ما يحدث من اقتتال بين الفصائل الجهادية في سوريا اليوم، وقبل عقد من الزمان في العراق هو استمرار لهذا التنازع الداخلي الإسلامي السني، الذي كان السبب الأهم لضعف السنة بأكثريتهم أمام خصومهم في المشرق العربي، وإن كانوا أقلية لكنهم على قلب رجل واحد.

    ـ وما يدور من تفسيرات بائسة حول ربط كل اقتتال بالتعامل مع العدو والولاء له، هو نتاج الجهل بالأسباب المباشرة لما يحصل من نزاعات، وهو نتاج العقل الغائب الذي تمت قولبته ليفكر غرائزيًا بما يحب ويكره، لا بما يعقل، تمامًا كما أرادت له الأنظمة ذلك ومنها نظام بشار الأسد.

    ـ لذلك؛ تجد أن تهمة الارتباط بإسرائيل وأمريكا والنظام السوري متداولة بين كل الفصائل والأحزاب، حتى التي تتفق بينها على عداوة الجهاديين!

    ـ قادة الفصائل في المدينة نفسها يخونون بعضهم البعض، وتسمع ذلك صراحة في كل جلساتهم، أعضاء مجالس الأركان، أعضاء الائتلاف والمجلس الوطني نصفهم يتهم الآخر بالعمالة!

    ـ لذلك؛ فهي ذهنية سائدة بين كل المتخاصمين، وأحد قادة المعارضة المخضرمين يصر على أنها هي حالة مرضية نفسية تتعلق بحالتي «التوهم والإنكار» و«الانفصام والإسقاط» يعيشها مجتمعنا؛ وبالتالي، المتعاطون بالشأن السياسي في توصيفهم للخلافات البينية الداخلية.

    ـ عندما يستعر القتال بين تنظيم الدولة الإسلامية والفصائل في ريف حلب، يتصدر البعض لاستنباط أحكام شرعية لصالح هذا الطرف أو ذاك، بفتاوى مشايخ لم يتجرؤوا للآن على استخراج حكم فقهي لخلع الحكام، قبل أن يأتي الربيع العربي ويطيح بالأنظمة متجاهلًا كل فتاويهم التي انشغلت بالحيض والنفاس وإرضاء الأنظمة التي يوالونها أكثر من القرآن ربما.

    ـ إضافة للأسباب التي تتعلق بالرؤية السياسية وفهم عمق الصراع في المشرق، بين فصائل ترى انتماءها ومشروعها قطريًا وأخرى تراه سنيًا عابرًا بين العراق والشام، فإن الارتباط بالمنظومة الإقليمية يلعب دورًا أساسيًا في تحديد أولويات المشروع لكل فصيل، فلا يمكن أن تتفق فصائل تقبل بالمنظومة الإقليمية وتخضع لها بل وتتلقى دعمًا منها، لا يمكن أن تتفق مع تنظيم الدولة الذي يقوم أصلًا على فكرة تدمير الأنظمة العربية والمنظومة الإقليمية القائمة بعد اتفاقية سايكس بيكو.

    ـ فما يحصل في ريف حلب مع تنظيم الدولة، هو يشبه ما سبق وإن حصل بين جبهة النصرة والفصائل المرتبطة بالأنظمة في إدلب: فصيل قوي يحاول إبعاد أي منافس، خاصة وإن ارتبط بأجندات إقليمية علنًا، النصرة لم تتمكن من تحرير إدلب وريفها إلا بعد أن أبعدت الفصائل الضعيفة التي كانت مرتبطة بالأنظمة على تلك الجبهات، وهما حزم وفصيل جمال معروف، وهكذا فإن تنظيم الدولة يخشى من فصائل في حلب وريفها لها ارتباطات معلنة مع تلك الأنظمة، وستكون تلك المنطقة في ريف حلب مهدًا لانطلاق هجوم التحالف الدولي عليها، سواء من المجموعات المدربة أمريكيًا من تلك الفصائل في تركيا، أو من فصائل إسلامية متنافسة ومتخاصمة مع الدولة الإسلامية كجيش الإسلام والأحرار والنصرة.

    ـ وهكذا، فهو صراع في سياق فرض السيطرة ضمن دائرة نزاع داخلية، ورغم أن تنظيم الدولة يريد فقط تأمين هذه المنطقة من الحدود التركية نحو شمال حلب؛ إلا أنه قد يتوجه لاحقًا لمدينة حلب إذا تمكن من تثبيت أقدامه في الريف، وهو سيكون خبرًا سيئًا جدًا للنظام الذي يبدو مرتاحًا في حلب المدينة بوجود فصائل ضعيفة مفككة باعتراف قادتها؛ إذ لم تتمكن من التوحد في أي كيان حتى شهور قليلة، وبعد رحيل القائد الأبرز للريف الحلبي الحاج مارع، لم تشهد جبهات مدينة حلب الكثيرة مع النظام أي تقدم حقيقي للفصائل، واتسم المشهد العسكري بالهدوء التام؛ مما مكّن النظام من تطويق مدينة حلب يومًا بعد يوم من الجنوب حتى الشمال والوصول لسجن حلب المركزي وفك الحصار عنه، وكل هذا التقدم تم على نقاط تمركز لتلك الفصائل التي لم توفق في التصدي له، أما في الريف الشمالي فقد نجح النظام في الاقتراب أكثر من قريتي نبل والزهراء الشيعيتين، وكانت القوى العسكرية القادرة على مواجهته بالريف معظمها من النصرة وجيش المهاجرين والأنصار وهم جهاديون من القوقاز، رفض معظمهم المشاركة مع الفصائل في قتال تنظيم الدولة بريف حلب، وتعرض قائدهم صلاح الدين الشيشاني لمحاكمة ومضايقات من النصرة لموقفه هذا .

    – وإضافة لحالة الفساد الكبيرة التي اشتهرت بها بعض الفصائل في ريف حلب الشمالي، فإنها وعلى مدى عامين تبدو غير قادرة على استعادة أي مناطق في حلب، ولكن الإشكالية أن هذه الفصائل تحولت لقوى تمارس السلطة وامتلكت النفوذ والثروة ولا ترغب بترك مواقعها لفصائل أخرى كالنصرة أو الدولة الإسلامية وهما الفصيلان الأقدر عسكريًا على مواجهة النظام، ومن أجل الحفاظ على مكاسبها باتت تصبغ نفسها بشرعية الثورة، لتبدو وكانها تريد احتكار تمثيل الثورة تمامًا بعد محاولة استخدام الشريعة رغم أن الكثير من أبناء تلك الفصائل في قرى الريف الحلبي تركوها وانضموا لفصائل أخرى على رأسها الدولة الإسلامية، ومنهم من ينتمي لأكثر العائلات نفوذًا في كبرى قرى الريف الحلبي كعائلة الرج في عندان.

    ـ ويبدو النظام يتلاقى في الغايات مع بعض الفصائل في حلب بعدائه لتنظيم الدولة، فبالتأكيد أن تواجد التنظيم داخل حلب قد ينهكه بشكل كبير؛ نظرًا لشراسة وقوة تنظيم الدولة قتاليًا مقارنة بالفصائل الضعيفة في حلب حاليًا؛ لذلك فالنظام يقصف مواقع التنظيم في ريف حلب الشمالي في الوقت نفسه الذي يهاجم فيه مقاتلو الفصائل التنظيم في قرى صوران ومحيطها في الريف الشمالي، وفي الوقت نفسه أيضًا الذي يشتبك تنظيم الدولة مع النظام السوري في أكبر معركة حاليًا تخاض ضد قوات الجيش السوري والميليشيات الكردية بمدينة الحسكة، بعد أيام قليلة من معارك شرسة في ريف حمص الشرقي انتهت بالسيطرة على مواقع اقتصادية حساسة للنظام وعلى مدينة تدمر. والمفارقة أن دائرة النزاع الداخلي لم تتوقف من فصائل جهادية حتى خلال معارك التنظيم في تدمر، فبينما كان التنظيم يخوض معارك شرسة استمرت لأسبوعين انتهت بسيطرته على تدمر، كانت بعض الفصائل الجهادية كأحرار الشام تهاجم مجموعات متحالفة مع الدولة الإسلامية في ريف حمص؛ حيث قتل أبو جهاد زغيب أحد أشهر قيادات ثوار بابا عمر في حمص، وتعرض لواء شهداء اليرموك في درعا لهجمات من النصرة لم تنته حتى اليوم أدت لقتل العشرات من عناصره.

    ـ وهكذا، فإن صراع السيطرة والنفوذ سيستمر إلى أن تتحقق النهاية التي عهدتها كل مناطق النزاعات السابقة، وهي الغلبة بالقوة، وكلما طال عمر الاقتتال بين الفصائل المتناحرة كلما ظل النظام السوري وكذلك العراقي متماسكين؛ لذلك فإن أول شروط مواجهة نظام بقيادة واحدة وحلف متماسك إقليمي، هو أن يكون للفصائل المسلحة الإسلامية المعارضة قيادة واحدة، وهذا ما تسعى له الدولة الإسلامية وكذلك النصرة، وهما الفصيلان الوحيدان اللذان يملكان القدرة المؤثرة على المواجهة عسكريًا، وهما كذلك الفصيلان اللذان قد يؤدي الاقتتال المحتمل مستقبلًا بين أحلافهما لحصول حرب أهلية سنية سنية سيكون النظام وإيران هما المستفيدان منها بينما تبقى جبهة الأسد وحلفاؤه متكاتفة لا تسمح بأي شقاق داخلي، وإن حصل سيكون مصيره السحق.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 15, 2024 3:01 pm