اليوم الذي صمت فيه الأذان المحمدي في عهد الدولة العثمانية
01 سبتمبر 2015
2
مشاركة
FacebookTwitterGoogle+Email App
جلال سلمي - خاص ترك برس
تأسست الدولة العثمانية بتاريخ 27 تموز/ يوليو 1299 على يد القائد الفذ عثمان بن أرطغرل، ومنذ تأسيس الدولة العثمانية في ذلك التاريخ إلى آخر يوم في فترة حكمها لم يصمت الأذان المحمدي ولم يَرِد أن صلاة الجمعة لم تُقم في أي يوم ٍ من الأيام حتى في أحلك الظروف والأيام وحتى في ظل الاحتلال الذي أصاب عاصمتها، إسطنبول، بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918.
ولكن في يومٍ من الأيام صمت الأذان المحمدي ولم تُقم صلاة الجمعة في العهد العثماني فما هو ذلك اليوم؟ هذا اليوم حسب التقويم الميلادي هو 29 أيلول/ سبتمبر 1730 وكان يوم الجمعة، في ذلك اليوم حدثت حادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ الإمبراطورية العثمانية إذ لم يُسمع الأذان ولم تقم صلاة الجمعة في ذلك اليوم وذلك لأن المساجد أُغلقت وأصوات الأذان مُنعت!!
تُعرف الفترة ما بين 1718 ـ 1730 بفترة "ثورة الالِه" والالِه هي وردة الزنبق التي كانت مشهورة وموجودة في جميع أنحاء إسطنبول، وكانت هذه الثورة الناعمة والخشنة بعض الشيء مُقامة لإرساء الحداثة والتقدم في الدولة العثمانية على حد تعبير الضباط والمستشارين الذين قاموا بها، ومن أهم الخصائص المُميزة لتلك الفترة بلا شك هو مقتل الصدر الأعظم إبراهيم باشا وإنزال السلطان أحمد الثالث عن عرشه.
كما تتميز هذه الفترة بتقدم وتطور كبيرين في مجال الفن والثقافة والأدب والقطاع التقني التعليمي والتكنولوجي، وجميع مجالات التطور هذه كانت تعتمد على النسخ والمواد المُقتبسة من أوروبا، وخلال هذه الفترة كانت الدولة العثمانية تنعم بسلام إذ أوقفت حربها القديمة الجديدة ضد النمسا بعد إبرام اتفاقية "باسار فوجا" بتاريخ 21 تموز/ يوليو 1718، فترة السلام هذه أوقفت المورد الاقتصادي الأهم لدى الدولة العثمانية والتي يُعَد عصبها الأساسي وهو الغنائم والجزية، كما تخلى العسكر عن دينهم وجهادهم وغاصوا في المرح والمتعة.
توقف مصدر الغنائم والجزية في التدفق جعل الاقتصاد العثماني ينهار وأصبح الدولة بغلاء وتضخم مالي لا يُطاق، وبدأ الشعب يثور ويُظهر سخطه من هذه الحالة، وتحولت حالة السخط هذه إلى ثورة عارمة وقوية بعد قيام الدلّاك في حمام بايازيد "الرئيس خليل" بتجميع العاملين لديه في الحمام والزبائن الموجودين داخل الحمام وما إن بدأت الهتافات تخرج من حنجرة الرئيس خليل أصبحت المظاهرة الناتجة عن عدد قليل من الأشخاص مظاهرة عارمة قوية أصبحت تهز إسطنبول بهتافاتها.
لم يكن القصر بعد يعلم جيدًا ما الذي يحدث من حوله ولم يكن الرئيس خليل مُقررًا بعد ماذا سيفعل وما هي نهاية المظاهرة التي قام بها، ولكن بدأت المشاورات والمفاوضات الجدية بين جيش الإنكشارية والرئيس خليل في اليوم الثاني للمظاهرة، وبينما المشاورات والمفاوضات جارية خرج رجل يشبه الشيوخ المتقين كان يُدعى "إبراهيم" وخرج أمام قادة الإنكشارية والرئيس خليل وقال "لقد خرجتم من أجل دعوة مباركة، في هذا اليوم أنتم تسعون لمحاسبة الظلام وفي ذلك اليوم المبارك لا يجوز أن يُؤذن ولا يجوز أن تُقام الصلاة".
نظر جميع المتظاهرون إلى فتوى المدعو إبراهيم بعين الاعتبار وأصدر الرئيس خليل قرارًا لجميع الأئمة في إسطنبول بأن يغلقوا المساجد ويمنعوا الأذان بها، كما أصدر الرئيس إبراهيم قرار بمنع العامة من الذهاب إلى المساجد وأمر بأن يُعاقب من يخالف هذه القرارات بأقصى العقوبات.
ويصادف هذا اليوم، اليوم الذي مُنع فيه الأذان والصلوات تاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 1730 الموافق ليوم الجمعة، وهذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي مُنعت فيه الصلاة والأذان منذ تأسيس الدولة العثمانية وحتى انهيارها بشكل كامل عام 1924.
بعد مفاوضات ومشاورات طويلة بين الرئيس خليل وقادة الإنكشارية استمرت تسعة وعشرين يومًا قرر الطرفان إنزال السلطان أحمد الثالث عن العرش وتولي السلطان محمود الأول العرش محله، كما قام الجمع المنتفض بالهجوم على قصر الباب العالي وألقوا القبض على الصدر الأعظم إبراهيم باشا وقاموا بإعدامه ومن ثم قاموا بتقطيع جسده وإلقائه في البحر ليكون عبرة لمن سيأتي من بعده ويحاول أن يعيث الفساد في الدولة العثمانية.
ويُذكر بأنه بعدما تمكن السلطان محمود الأول من العرش أصدر فرمانًا أمر به بمنع أي مواطن ألباني بأن يصبح دلاكًا أو رئيس حمام في إسطنبول، وكان الهدف من ذلك الفرمان هو تجنب أي مظاهرة أو ثورة أخرى محتملة يمكن أن تحدث بسبب الدلاكين الألبانيين الذي يُعد الدلاك خليل واحد منهم.
01 سبتمبر 2015
2
مشاركة
FacebookTwitterGoogle+Email App
جلال سلمي - خاص ترك برس
تأسست الدولة العثمانية بتاريخ 27 تموز/ يوليو 1299 على يد القائد الفذ عثمان بن أرطغرل، ومنذ تأسيس الدولة العثمانية في ذلك التاريخ إلى آخر يوم في فترة حكمها لم يصمت الأذان المحمدي ولم يَرِد أن صلاة الجمعة لم تُقم في أي يوم ٍ من الأيام حتى في أحلك الظروف والأيام وحتى في ظل الاحتلال الذي أصاب عاصمتها، إسطنبول، بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918.
ولكن في يومٍ من الأيام صمت الأذان المحمدي ولم تُقم صلاة الجمعة في العهد العثماني فما هو ذلك اليوم؟ هذا اليوم حسب التقويم الميلادي هو 29 أيلول/ سبتمبر 1730 وكان يوم الجمعة، في ذلك اليوم حدثت حادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ الإمبراطورية العثمانية إذ لم يُسمع الأذان ولم تقم صلاة الجمعة في ذلك اليوم وذلك لأن المساجد أُغلقت وأصوات الأذان مُنعت!!
تُعرف الفترة ما بين 1718 ـ 1730 بفترة "ثورة الالِه" والالِه هي وردة الزنبق التي كانت مشهورة وموجودة في جميع أنحاء إسطنبول، وكانت هذه الثورة الناعمة والخشنة بعض الشيء مُقامة لإرساء الحداثة والتقدم في الدولة العثمانية على حد تعبير الضباط والمستشارين الذين قاموا بها، ومن أهم الخصائص المُميزة لتلك الفترة بلا شك هو مقتل الصدر الأعظم إبراهيم باشا وإنزال السلطان أحمد الثالث عن عرشه.
كما تتميز هذه الفترة بتقدم وتطور كبيرين في مجال الفن والثقافة والأدب والقطاع التقني التعليمي والتكنولوجي، وجميع مجالات التطور هذه كانت تعتمد على النسخ والمواد المُقتبسة من أوروبا، وخلال هذه الفترة كانت الدولة العثمانية تنعم بسلام إذ أوقفت حربها القديمة الجديدة ضد النمسا بعد إبرام اتفاقية "باسار فوجا" بتاريخ 21 تموز/ يوليو 1718، فترة السلام هذه أوقفت المورد الاقتصادي الأهم لدى الدولة العثمانية والتي يُعَد عصبها الأساسي وهو الغنائم والجزية، كما تخلى العسكر عن دينهم وجهادهم وغاصوا في المرح والمتعة.
توقف مصدر الغنائم والجزية في التدفق جعل الاقتصاد العثماني ينهار وأصبح الدولة بغلاء وتضخم مالي لا يُطاق، وبدأ الشعب يثور ويُظهر سخطه من هذه الحالة، وتحولت حالة السخط هذه إلى ثورة عارمة وقوية بعد قيام الدلّاك في حمام بايازيد "الرئيس خليل" بتجميع العاملين لديه في الحمام والزبائن الموجودين داخل الحمام وما إن بدأت الهتافات تخرج من حنجرة الرئيس خليل أصبحت المظاهرة الناتجة عن عدد قليل من الأشخاص مظاهرة عارمة قوية أصبحت تهز إسطنبول بهتافاتها.
لم يكن القصر بعد يعلم جيدًا ما الذي يحدث من حوله ولم يكن الرئيس خليل مُقررًا بعد ماذا سيفعل وما هي نهاية المظاهرة التي قام بها، ولكن بدأت المشاورات والمفاوضات الجدية بين جيش الإنكشارية والرئيس خليل في اليوم الثاني للمظاهرة، وبينما المشاورات والمفاوضات جارية خرج رجل يشبه الشيوخ المتقين كان يُدعى "إبراهيم" وخرج أمام قادة الإنكشارية والرئيس خليل وقال "لقد خرجتم من أجل دعوة مباركة، في هذا اليوم أنتم تسعون لمحاسبة الظلام وفي ذلك اليوم المبارك لا يجوز أن يُؤذن ولا يجوز أن تُقام الصلاة".
نظر جميع المتظاهرون إلى فتوى المدعو إبراهيم بعين الاعتبار وأصدر الرئيس خليل قرارًا لجميع الأئمة في إسطنبول بأن يغلقوا المساجد ويمنعوا الأذان بها، كما أصدر الرئيس إبراهيم قرار بمنع العامة من الذهاب إلى المساجد وأمر بأن يُعاقب من يخالف هذه القرارات بأقصى العقوبات.
ويصادف هذا اليوم، اليوم الذي مُنع فيه الأذان والصلوات تاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 1730 الموافق ليوم الجمعة، وهذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي مُنعت فيه الصلاة والأذان منذ تأسيس الدولة العثمانية وحتى انهيارها بشكل كامل عام 1924.
بعد مفاوضات ومشاورات طويلة بين الرئيس خليل وقادة الإنكشارية استمرت تسعة وعشرين يومًا قرر الطرفان إنزال السلطان أحمد الثالث عن العرش وتولي السلطان محمود الأول العرش محله، كما قام الجمع المنتفض بالهجوم على قصر الباب العالي وألقوا القبض على الصدر الأعظم إبراهيم باشا وقاموا بإعدامه ومن ثم قاموا بتقطيع جسده وإلقائه في البحر ليكون عبرة لمن سيأتي من بعده ويحاول أن يعيث الفساد في الدولة العثمانية.
ويُذكر بأنه بعدما تمكن السلطان محمود الأول من العرش أصدر فرمانًا أمر به بمنع أي مواطن ألباني بأن يصبح دلاكًا أو رئيس حمام في إسطنبول، وكان الهدف من ذلك الفرمان هو تجنب أي مظاهرة أو ثورة أخرى محتملة يمكن أن تحدث بسبب الدلاكين الألبانيين الذي يُعد الدلاك خليل واحد منهم.