أثارت دعوة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لتوسيع اتفاق السلام مع إسرائيل لتشمل عددا أكبر من الدول العربية انتقادات حادة في مصر واتهامات له بالتواطؤ مع دولة الاحتلال التي تنتهك المقدسات الإسلامية، فيما عبرت أوساط إسرائيلية رسمية وشعبية عن سعادتها بتصريحات قائد الانقلاب.
وأدلى السيسي بتصريحات لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قبل يومين، طالب فيها بتكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وإشراك مزيد من الدول العربية في عملية السلام مع إسرائيل، وعبر عن تفاؤله بإمكانية تحقيق ذلك قريبا.
السيسي هدية لإسرائيل
وأشادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بتصريحات السيسي قائلة إنه هدية خاصة لدولة إسرائيل، وأن دعوته لإحياء السلام بين الفلسطينيين والعرب وعودة المفاوضات بشأن القضية الفلسطينية أحيت كذلك أمل إسرائيل في إنقاذها من العزلة الدولية التي كانت تهددها".
وتابعت الصحيفة أن تصريحات السيسي جاءت في وقت تواجه فيه إسرائيل عدة أزمات من بينها حملة نزع الشرعية عنها من خلال قرار الاتحاد الأوروبي عدم استيراد منتجات المستوطنات.
وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى أن موقف السيسي الأخير جاء بعد أيام فقط من إعطائه الأوامر بإغراق الأنفاق تحت الحدود بين غزة وسيناء، مما أدى إلى تراجع قدرة المنظمات الفلسطينية وعلى رأسها حماس على تهريب الأسلحة إلى القطاع وهو ما يشبه اللعنة لمسلحي غزة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن عبر حسابه على "تويتر" ترحيبه بدعوة السيسي ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العودة مجددا إلى مسار المفاوضات مع تل أبيب لاستكمال عملية السلام.
وأعلن رئيس حزب "ياش عاتيد" يائير لابيد، أن تصريحات السيسي تؤكد أن هناك فرصة لإقامة سلام بين إسرائيل وما أسماها "دولا عربية معتدلة"، مضيفا أن هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل وتلك الدول على رأسها مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وتشكيل تحالف إقليمي في وجه إيران".
ترجمة غير دقيقة
وتعليقا على هذه الانتقادات، قال المتحدث باسم الرئاسة، السفير علاء يوسف، إن الترجمة التي تم تداولها لنص حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية لم تكن دقيقة خاصة فيما فيما يتعلق بدعوة السيسي لمشاركة دول عربية جديدة في اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وأوضح في بيان له المتحدث أن الرئيس تحدث عن دعوته لإحلال السلام الشامل بالمنطقة وانعكاساته الإيجابية على كافة الشعوب، وعلاقات الدول العربية مع إسرائيل، وأضاف أن السيسي شدد على أن ذلك لن يتحقق دون حل القضية الفلسطينية وإعلان الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأضاف أن إقامة الدولة الفلسطينية وإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وفقا لمبادرة السلام العربية، من شأنه خلق واقع جديد يسمح بتمدد حالة السلام بين مصر وإسرائيل إلى باقي الدول العربية".
انتقادات حادة
ووجه سياسيون مصريون انتقادات حادة للسيسي بسبب تصريحاته التي تزامنت مع الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين واعتداءتها المتواصلة على المسجد الأقصى.
وقال الخبير السياسي في الشأن الفلسطيني محمد عصمت سيف الدولة، إن موقف السيسي يؤكد لأول مرة بشكل علني ما سبق وردده نتنياهو كثيرا، من أن هناك دولا عربيا كبرى، فى إشارة إلى مصر والسعودية والخليج، ترغب فى التحالف الإستراتيجي مع إسرائيل ضد العدو المشترك المتمثل فى الإرهاب.
وأضاف سيف الدولة عبر موقعه بالـ"فيسبوك" الإثنين أن "موقف السيسي يذكرنا بمسرحية زيارة السادات إلى القدس، التي انتهت بكارثة كامب ديفيد، والسيسي يحرص بشكل مبالغ فيه، كلما أتيحت له الفرصة، على تقديم نفسه إلى الغرب على أنه خليفة السادات والراعي العربي الأول للسلام مع إسرائيل، مؤكدا أن السيسي بهذه الدعوة ضرب رقما قياسيا جديدا فى التنازلات العربية التى بدأت بكامب ديفيد مرورا باتفاقيات أوسلو ووادى عربة ثم مبادرة السلام العربية عام 2002.
من جانبه، سخر الإعلامي بقناة الجزيرة زين العابدين توفيق من تصريجات السيسي، وقال في تغريدة له عبر "تويتر": "أقوى رد من السيسي على اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى: يجب توسيع معاهدة السلام مع إسرائيل لتشمل دولا عربية أخرى".
وفي تصريحات لصحيفة صحفية قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، إن الاتفاقات لا توسع وإنما تبرم بعد مفاوضات بين طرفين، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تنوي التخلي عن القدس أو الضفة الغربية واتفاقية أوسلو خير دليل على ذلك.
وتساءل أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد لماذا تنضم الدول العربية لمعاهدة السلام فى الوقت الذي تصر فيه إسرائيل على الاحتلال وتنكر حقوق الشعب الفلسطينى وتقوم بتقسيم المسجد الأقصى؟